أبو ماجدولين
عاد الشغب داخل الملاعب ليحتل عناوين الاخبار الرياضية والاجتماعية بالمغرب ، بعد الأحداث اللارياضية التي عرفتها الساحة الرياضية ، في المقابلة التي جمعت الجيش الملكي والمغرب الفاسي . أحداث خلفت ضحايا ومصابين من أنصار الفريقين ومن مواطنين لا ذنب لهم سوى أن سياراتهم تواجدت في طريق شباب طائش لا هم له سوى التذمير والتخريب، بل خلفت حتى ضحايا من صفوف قوات الأمن، ليعقب ذلك اعتقالات ومتابعات .
في هذه الورقة سنبحث عن شغب الملاعب، وعن تاريخ هذه الظاهرة المرضية. وعن الأسباب التي تدفع الشباب المغربي الى ممارسة الشغب في ملاعب كرة القدم .
تاريخ شغب الملاعب
كرة القدم العبة الشعبيّة الأولى في أرجاء العالم؛ استقطبُت المُشجّعين من كافّة الأقطار، لعبة ملأت الدنيا وشغلت الناس . لكن للأسف رافق هذا الانتشار أعمال الشغب والعنف التي قد تحدث على ملاعبها بين الجماهير ووصلت بعضها إلى التدمير، وإراقة الدماء. ففي بدايات القرن التاسع عشر عندما تمّ اعتماد كرة القدم كرياضةٍ رسميّةٍ في المدارس الإنجليزيّة، ساهم انتشارها بإدخال نوعيّةٍ جديدة من اللاعبين والجماهير الواعية إلى هذه اللعبة، مجموعة من القوانين ، وقد ساعدت تلك النقلة على تخفيف ظاهرة العنف التي كانت طاغيةً على مباريات كرة القدم في تلك العصور.
التعصب الكروي أو “هوليغانزم Hooliganism
لا يمكن الحديث عن العنف بالملاعب دون الحديث عن التعصب الكروي أو “هوليجانزم Hooliganism و هو مصطلح شائع يستخدم لوصف السلوك غير المنضبط والعدواني ، الذي يرتكبه مشجعو الأحداث الرياضية ، وهذا المصطلح ظهر لأول مرة في تقارير شرطة لندن عام 1898 لوصف عصابات الشوارع العنيفة . وعادة ما يقتصر العنف في كثير من الدول على ملاعب كرة القدم فقط . وقد كان السلوك غير المنظم شائعًا بين مشجعي كرة القدم منذ بداية ظهور اللعبة ، ولكن منذ ستينيات القرن العشرين بدأ يمثل مشكلة خطيرة . وفي الثمنينيات أصبح الشغب في ملاعب كرة القدم مرتبط بالمشجعين الإنجليز ، حيث قاموا بعمل مجموعة من الاضطرابات الكبرى في الداخل والداخل أدت إلى العديد من الوفيات ، ومنذ ذلك الحين بدأت الحكومة والشرطة الإنجليزية في بذل جهود حثيثة لتقليل أعمال الشغب بين مشجعي كرة القدم . وفي جميع الدول يتشارك عصابات المشاغبين في خصائص ومعتقدات أخرى غيرالرياضة تدفعهم إلى السلوك العنيف ، مثل العلاقات مع منظمات يمينية متطرفة وعنصرية ، ولكن بعضهم يكون غير مسيس ولكنهم ببساطة يتألفون مع تلك المجموعات . وتعد كارثة ملعب هيسل التي حدثت عام 1985 نقطة تحول في تاريخ الهوليجنزم في المملكة المتحدة ، حيث اندفع مشجعي نادي ليفربول نحو مدرجات مشجعي نادي يوفنتوس مما أدى لسقوط حائط الملعب وقتل 39 شخص ، وبسبب تلك الكارثة تم حظر جميع الفرق الإنجليزية من المشاركة في المنافسات الأوروبية حتى عام 1990 ، ومنذ ذلك الحين بذلت الحكومة والشرطة البريطانية والأندية أيضًا جهودًا كبيرة للقضاء على العنصرية بين المشجعين .
حرب الهوندوراس والسالفادور بسبب كرة القدم
والتي نتج عنها ما يَزيد عن 3000 قتيلٍ، وأكثر من 15000 جريحٍ، عدا عن الدّمار الذي طال المدن، والمُساكن فيما سُمّي بحرب الأربعة أيام أو بحرب 100 ساعة، وكل هذا نتج عن غضبِ جماهير الهوندوراس التي رفضت خروج فريقهم من صفيات كأس العالم ً. فعبرت بأفعال شغب ضدّ كل شيء يخصّ السلفادور؛ وذلك فقط لأنّ مُنتخَب السلفادور تَفوّق على مُنتخبهم وأخرجه من التصفيات؛ فقُطعت العلاقات الدبلوماسيّة، وبدأت بين الدّولتين حَرب عسكريّة طاحنة راح ضحيّتها الآلاف من البشر، وتَدمّرت المنشآت، وتسبّبت بخسائر ماليّة تفوق المليارات، وكلّ هذا بسبب مباراةٍ واحدة في لعبة كرة القدم.
حادثة ملعب أم درمان بين المنتخبين المصري والجزائري
حدوث شغب جماهيري كبير في تلك المباراة التي أقيمت على أراضٍ سودانية. في مباراة الملحق النهائي المؤهلة لكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا؛ حيث إنّ ظروف تلك المباراة وجوّ التنافس الكبير الذي كانت تعيشه الجماهير المُتعطّشة للفوز كان أحد الأسباب الرئيسيّة لحدوث فتنة كبيرة بين الشعبين الشقيقين، حيث قامت بعض وسائل الإعلام بتصوير أحداث ورواية تفاصيل لم تحدث ساهمت بشكل كبير
في عام 2008 في النمسا حدث شغب جماهيري وأعمال عنف كبيرة بين مشجعين المنتخب التركي والمُنتخب الكرواتي عقب فوز الأتراك على نظرائهم الكروات بهدف نظيف ضمن منافسات بطولة أمم أوروبا .
العنف بملاعبنا بالمغرب
عندما انهزم فريق الجيش الملكي في عقر داره أمام فريق المغرب الفاسي ، احتج الجمهور الذي كان أغلبيته من الشباب قد خلق فوضى عارمة في الملعب وخارجه ، وصل الى الاعتداء على رجال الامن وتخريب الحافلات و… وكانت النتيجة أن تمت العديد من الاعتقالات والمحاكمات .
وبالعودة الى ظاهرة الشغب في الملاعب المغربية فاننا نسجل بعض الأسباب الباشرة وغير المباشرة منها :
غياب مراقبة الاباء والذين أبحوا لا يراقبون أبنائهم عن قرب . –
مسؤولية الدولة من خلال الابتعاد عن جميع المكونات التي تساهم في تربية الاطفال وتكوينهم وشحنهم بمبادء المواطنة والمسوؤلية والتكوين الذاتي ، والتي كانت متواجدة في المجتمع المغربي ، اٍلا انه وقع تراجع كبير.
غياب أنشطة اجتماعية كثيرة في التربية الوطنية من صنف الاناشيد والالعاب والخرجات الاستكشافية والاعمال اليدوية والمخيمات الصيفية وفي مقدمتها الكشفية المغربية، واللائحة طويلة. وهذه الانشطة ساهمت بشكل كبير في التعايش السلمي الجماعي والتدريب على احترام القوانين وفهم منظومة حرية التعبير بما فيها تشجيع الفرق الرياضية .
دور المراكز الاجتماعية – دور الشباب – وهي نفسها تعاني من قلة الموارد البشرية وقلة الدعم المادي، واللذان يجعلها مشلولة وغير قادرة على تبني برامج جهوية، أو وطنية ذات بعد تربوي صريح ، نفس الاعطاب يعرفها قطاع المجتمع المدني والذي يقف مكتوف الايادي بحكم قلة المنح وقلة التشجيعات .
يجب أن لا تنحصر الحلول في القانون الزجري واٍنزال العقوبات على القاصرين، بل يجب الانكباب أيضا على البحث المعمق لمعرفة جميع الاسباب التي تقف وراء الظاهرة ، وبالتالي معالجتها من الجذور باستحضار جميع الاكراهات.