بحلول يوم السابع من أكتوبر الجاري، ستكون قد مرت سنة على تنصيب الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش. فالحكومة الحالية التي تحمل رقم 33، جاءت بهيكلة جديدة على مستوى بنية بعض الوزارات، وأهم ما ميزها هو إلحاق الرياضة بقطاع التعليم، من خلال وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والتي يشرف عليها شكيب بنموسى. مرور سنة يطرح عدة تساؤلات عن مدى جدوى إلحاق الرياضة بقطاع التعليم. وهل الأمر كان إيجابيا أم سلبيا.
صحيح أن عددا كبيرا من المتتبعين للشأن السياسي عموما، والرياضي خصوصا، لم يكونوا يتوقعون أن الحكومة المغربية الحالية، برئاسة عزيز أخنوش، ستفصل الرياضة عن توأمها التاريخي قطاع الشباب، وذلك بإلحاق الرياضة بقطاع التعليم. فجزء من المهتمين استحسنوه كونه سيستفيد من البنيات التحتية الرياضية، التي تتوفر عليها منظومة التعليم في المغرب، وكذلك من اطر التربية البدنية والرياضة، التابعين لوزارة التعليم. لكن جزءا آخر، ومن ضمنهم منتمون لقطاع الرياضة، فرض عليهم الإلحاق، انتقدوا هذا القرار ورأوا أنه وضع غير صحي للقطاع الرياضي ولن يفيده كثيرا.
فإذا كانت تجارب حكومية سابقة قد ألحقت الرياضة بقطاع التعليم، وخاصة بعد ثاني حكومة في تاريخ المغرب، إلا أن الوضع الحالي للرياضة يدبره بشكل مباشر الوزير شخصيا، على الرغم من مباشرته لقطاع التعليم (الأولي، الابتدائي، الإعادادي والثانوي)، عكس التجارب السابقة التي كان فيها القطاع الرياضي، رغم إلحاقه بقطاع التعليم، يتم تفويض تدبيره إما لوزير منتدب أو إلى قسم بالقطاع الوزاري للتعليم.
فقطاع الرياضة في تجربة الحكومتين السابقتين كان مدمجا مع قطاعي الشباب والثقافة، والإدماج الأخير وضع له مرسوم لتنظيمه، فبناء على مرسوم الاختصاصات المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7032 مكرر، سيتولى الوزير السلطة على المعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة إلى حين تغيير المرسوم رقم 2.10.622 الصادر في 24 من شوال 1432 (23 شتنبر 2011) المتعلق به. لأن المعهد المذكور كان خاضعا للوصاية المباشرة لقطاع الشباب والرياضة. كما ألزمت التغييرات القانونية الأطر والإداريين التابعين لقطاع الرياضة بالالتحاق بقطاع التعليم.
غير أن هذا الإلحاق دفع بعض الأطر إلى الاحتجاج عن طريق كتابة تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ينتقدون فيها أمر الإلحاق، ونجد من بين هؤلاء، أحمد ماغوسي، المدير التقني السابق لجامعة المصارعة، والمسؤول الإقليمي على الرياضة سابقا بالمديرية الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة بعمالة عين الشق، سبق له أن علق على الأمر قائلا:” موظفو قطاع الرياضة في منزلة بين المنزلتين.” وتابع ماغوسي أن:”الموظفين الذين طلب منهم الالتحاق بقطاع التعليم، لم يتوصلوا بقرارات مكتوبة تفيد تعيينهم وتحديد مسؤولياتهم، مما جعلهم في منزلة بين المنزلتين”.
وأشار ماغوسي إلى أن هذا الالحاق لم يتم التهييء له بشكل جيد، مبرزا أن القوانين المنظمة للهيكلة الجديدة لقطاع الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لم تصدر بعد. ويضيف المسؤول ذاته أن غالبية الملحقين بقطاع التعليم يعيشون وضعية ضبابية بدون صدور قرارات تعيينهم تحدد مسؤولياتهم بشكل مضبوط، حتى لا يقع تداخل مع الأطر الرياضية السابقة التابعة رسميا لوزارة التعليم.
من جهته، عبد الحق الزاكي، إطار سابق بالمديرية الإقليمية بأكادير، قال :”إذا كان هدف الهندسة الحكومية الأخيرة من وراء فصل قطاع الرياضة عن قطاع الشباب هو تطوير المنظومة الرياضية والرفع من مردوديتها، فإن ذلك لا يمكن أن يتحقق بإلحاق قطاع الرياضة بوزارة مثقلة بالمشاكل، ولا يمكن أن يستقيم بتجريد القطاع من مؤسساته وأطره في تناقض تام مع مضامين الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة الوطنية حولة الرياضة، والتي نصت على ضرورة توسيع وتطوير البنية التحتية الرياضية ودعم عملية التكوين والتأطير الرياضي”. وأضاف أن “هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الحالية تنم على أن قطاع الرياضة لا يشكل أهمية لديها وليس من أولوياتها”.
في الجانب الآخر، ثمن عبد المومن طالب، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم الأولي والرياضة لجهة الدارالبيضاء سطات، مبادرة إلحاق الرياضة بقطاع التعليم، مشيرا في تصريحات سابقة أمام الصحافة، إلى أن هذه الخطوة ستقدم الإضافة للرياضة الوطنية من خلال الاستفادة من شبكة البنيات التحتية الرياضية التابعة للتعليم. وأكد أن قطاع التعليم سيستفيد هو الآخر من حنكة وتجربة أطر القطاع الرياضي لتطوير وتجويد الممارسة الرياضية سواء في القطاع التعليمي أو خارجه.
وبنظرة الأكاديمي، قال الدكتور منصف اليازغي، المتخصص في السياسات العمومية في الرياضة، إن إلحاق الرياضة بقطاع التربية الوطنية، ليس أمرا جديدا. وأوضح منصف اليازغي، صاحب كتاب ” السياسات العمومية الرياضية بالمغرب”، إن إلحاق الرياضة بوزارة التربية الوطنية أو التعليم، حسب التسميات التي كانت تحملها الوزارة، تم الأخذ به منذ ثاني حكومة مغربية، بعد الاستقلال، إلى حدود الحكومة الخامسة. وأضاف اليازغي، في اتصال هاتفي، أجراه معه “أنفو سبور”، أن أول حكومة مغربية، بعد الاستقلال، كانت الرياضة مدبرة من طرف كاتب في الدولة وهو أحمد بنسودة، وبعد ثمانية أشهر تم تعديل الحكومة، فتم إلحاق الرياضة بوزارة التربية الوطنية، وخصص لها قسم، أشرف عليه، يوضح اليازغي، السيد عمر بن عبد الجليل. وتابع اليازغي، صاحب كتاب ”مخزنة الرياضة: كرة القدم نموذجا”، أن قطاع الرياضة استمر مرتبطا بوزارة التربية الوطنية، في إطار قسم، مشيرا إلى أنه بعد ذلك سيتم إخراج القطاع من أي جهة وزارية أخرى فخصصت له مندوبية سامية، ترأسها الجنرال حسني بنسليمان.
وبالعودة لتفاصيل كتاب الدكتور منصف اليازغي ” السياسات العمومية للرياضة بالمغرب”، سيشهد قطاع الرياضة تعيين أول وزير خاص بالشباب والرياضة في الحكومة الثامنة، وأشرف على القطاع السيد عبد الهادي بوطالب.
وفي تعليق له على تعيين السيد شكيب بنموسى، وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في الحكومة الجديدة، التي يرأسها السيد عزيز أخنوش، قال منصف اليازغي:” إن تعيين شخصية مثل شكيب بنموسى، يعتبر إشارة إيجابية، لعدة اعتبارات، أولها كون المسؤول الحكومي المشرف على القطاع، هو الذي أسندت له مهمة إنجاز برنامج النموذج التنموي، وثانيها هو أن الرياضة ستكون محطة استراتيجة وطنية للنهوض بها. وأرى أن الاعتبار الثالث هو أن الرياضة ستستفيد من التعاون بين القطاع التعليمي والرياضي، والذي سيمكن الرياضة من الاستفادة من البنيات التحتية الرياضة التابعة لقطاع التعليم في جميع مستوياته.”
وختم منصف اليازغي حديثه بكون قطاع الرياضة مرشح ليعين له كاتب في الدولة، يشرف على القطاع تحت إشراف مباشر من شكيب بنموسى.