قامت مجموعات الكورفا سود، المكونة من فصيلي “غرين بويز” و “إلترا إيغلز”، والمساندة لنادي الرجاء الرياضي، بوقفة احتجاجية مساء يوم أمس الأحد أمام مركب الوازيس، احتجاجا على وفاة المشجعة الرجاوية نورة التي كانت ضحية سوء التنظيم بملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، خلال مباراة الرجاء الرياضي والأهلي المصري في إياب عصبة أبطال إفريقيا.
وطالبت الكورفا سود بالنزاهة والحياد في تحقيق النيابة العامة حول أسباب الفاجعة، داعية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتحمل مسؤولياته في إعداد تقرير عن الحادث المأساوي الذي أصبح قضية رأي.
ووجه فصيلا “الكورفا سود” سهام النقد إلى مجلس المدينة وشركة “كازا إيفنت” بسبب التسيير الكارثي لمركب “دونور”، إلى جانب المقاربة الأمنية للسلطات مع جمهور كرة القدم واستخدام المياه لتفريق الجماهير، متهمة مسؤولي الرجاء وعلى رأسهم رئيس النادي عزيز البدراوي بالتقصير في احترام حق الجماهير والدفاع عنهم، بعدم تحمل المسؤولية الكاملة في تنظيم مباريات النسور في أجواء تليق بقيمة النادي.
وجاء بلاغ “الكورفا سود” كالتالي:
” بين مواج لبحر ولا فباب التيرانات، المسؤول كان سباب فشحال من روح غرقات ”
قيل أن العالم يفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب، مادام دافعه الشغف، هذا الأخير القادر على إثارة حماسه وعزيمته، ينير طاقاته الدفينة، يشعل دواخله، يحوّل تحدياته فرصًا ويغري لهفته في المضي قدما مؤمنا بأفكاره مدافعا عنها. لكن وككل القواعد التي تسري في هذا الكون، لابد للاستثناءات أن ترسي بذاتها فيه على الجانب الآخر في محاولة لفرض الذات، تخلّ الموازين وتجعل كل شيء معكوسا تماما.
ما نعايشه ونلامسه اليوم بعد وفاة المشجعة نورة، وآخرون من قبل، يستدعي حقا وقف هذه المهازل، أخذ نظرة تأملية شمولية للوضع من شأنها أن تشفع في الأمر وتوضح بالملموس حدة ضياع طمأنينة مجتمعية نفتقدها وبشدة، حل محلها التوتر والتضييق وإزهاق الأرواح، وكل ذلك نتيجة لا مسؤولية المسؤول، واللا إلتزامه الكامل بما يناط به من مهام بالدرجة الأولى، حتى بات من العرف تخاذل المسؤول وتقاعسه في أداء دوره، فأضحت المنظومة برمتها تعاني تصدع عمودها الفقري؛ الأمانة ومعنى الالتزام بدور على أكمل وجه. وفي صدد أن يجد هذا الجسد الضرير ضالته أولا وعقاره الفعال، فقد نوهنا وعلى أكثر من شكل ومرة بمكامن الخلل بجوانبه العدة التي تتسيد معضلة التنظيم والتدبير المعقلن، ومن المؤكد وعلى ظل ما سبق، ومما لا يدع مجالا للشك بأن لنا عودة للإخفاقات ومآسي أصعب مستقبلا إن لم يتم التدارك على السريع.
فإلى الذي لم يوقظ ضميره الحي بعد؛ هذا ما تبقى من آخر النداء:
هيئة مجلس وإدارة المدينة؛ كم يلزمنا من الزمان لتنزيل مخططاتكم وبرامجكم التنموية أم أن القدر كتب عليها أن تظل حبرا حبيس البياض فقط؟ وفي أي خانة وجب إرفاق دراسة وإعادة إصلاح جزء من الملعب؟ تعمير وصيانة للمنشآت على مسؤوليتكم أم تشجيع وانتعاشة للمستثمرين من الأصحاب وذوي المصالح المشتركة؟ أما عن متى سيتم تفعيل العمل عليه وتحريره للجمهور فتلكم إذن قصة أخرى، الظاهر فقط والجلي حتى الآن أن ذلك العلم الشامخ المنبسط من على تلك المدرجات وحده الشاهد على ما خلف الكواليس من خبث.
الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات؛ شركة لم ولن تتعلم من أخطائها ولو تكررت ألف مرة، وشيعت ألف جنازة، وفية لعهدها الضارب عرض الحائط لتنظيم محكم ولو لمباراة واحدة تبدأ وتنتهي دون أي خلل أو جدل، سنوات من تدبير شؤون الملعب وصرف ميزانيات ضخمة بدافع تأهيله كمركب يحترم معايير الجودة والكفاءة والسلامة، ثم يطل علينا المسؤول ذاته آمرا بغلق جزء من الملعب لعدم إحترامه معايير السلامة، سنوات ولم تتوصل الشركة بعد لمقترحات وحلول ميسرة تواكب التطور التكنولوجي والتنموي وتحد من محدودية إجراءاتها الضعيفة ضيقة الأفق، سنوات ومايزال البيضاوي يعيش على نمط البداوة والتخلف في تنظيم يروق لحجم وإسم المدينة لأنشطة وتظاهرات سرعان ما تتحول ساحات للفوضى والمعارك، ما يتحمله الجواهري ومعيته كطرف مشارك في سوء التنظيم يفوق حد المسؤولية، فمتى تربط بالمحاسبة؟
السلطات الأمنية؛ متى ميعاد تبني مقاربات أمنية إنسانية تضع الشباب الشغوف في صميم الاهتمامات الكبرى؟ أم حري بكم فقط مواصلة سياسات العنف وتعزيز القمع الأمني بدل تعزيز الأمان؟ أي أمن هذا الذي يسخر قوته لفرض العصا بل والشطط في إستغلالها حد زهق الأرواح؟ أي استقبال ذلك الذي تستقبل به جحافل من الجمهور بغلق المعابر المؤدية للملعب ومن تم حصرهم تحت رحمة الرفس والركل؟ وفي عز الحر والجفاف وتعليمات الدولة للارشاد في استهلاك المياه، وفي ظل معاناة حنفيات مرافق الملعب من شح المياه الصالحة للشرب، تستخدم عناصر القوات مدافع المياه لتفريق الجماهير ما نجم عنه جروحا وإصابات كثيرة حتى الموت، الأمر الذي يدفع للتساؤل؛ هل من المنطقي احتواء الشغب بشغب مماثل يروح ضحيته أبرياء ذنبهم أنهم حضرو مباراة لكرة القدم ببلد يزعم تنظيم محافل رياضية عالمية؟
اللجنة التنسيقية بالفريق؛ في موسم الأرقام القياسية على مستوى بطائق الاشتراك، بيع تذاكر المباريات وأثمنتها الاستثنائية، لم توفق هذه اللجنة في صون كرامة الجمهور من بطش معضلة التنطيم، وذلك بحفظ حقوقه والدفاع عنه وتوفير ظروف آمنة بداية بعملية اقتناء التذاكر مرورا بالولوج للملعب إلى غاية مغادرته باعتبارها جهازا مسؤولا له من المهام والمسؤوليات ما عليه داخل أسوار النادي، هذا ودون أن نغفل عن ضرورة التحلي بالحس الرياضي للجمهور مهما كان الحال، فتزييف تذاكر المباريات وتزويرها، المتاجرة في السوق السوداء والحضور بدون التوفر على تذكرة، وغيرها، كلها أمور بأضرار مشتركة من شأنها أن تأثر سلبا لا على الفرد فقط بل جماعات ولو بدافع التشجيع وحب الفريق، فالارشاد والمساهمة في تنظيم السلوكيات من جانبنا هي ما تعكس وعي الجمهور ونضاله الشريف.
معضلة التنظيم ليست وليدة اليوم أو حتى الأمس بل آفة إجتماعية تطل علينا من علياء الواقع اليومي كلما ظهر عجز المسؤولين مصحوبا بقمع السلطة، وفي عصر رحلات الذهاب هذا دون أوبة لا يكترث أحد بعودتك سالما لمنزلك، مشيع الجثمان، طريح الفراش أو مكبلا بالأصفاد مادام ثمن تذكرتك قد تقاسمته الجيوب، لتبقى الكرامة عنوان كفاحنا المستميت رغم ما نتعرض له من جور ومضايقات، وهي رسالة لمن يهمه الأمر أن من شأننا فعل أكثر من هذا في سبيل مصلحة الفريق وعودته لسكته الصحيحة.
بين كل هذه الأطراف المتداخلة تبقى الجماهير دائما هي الشماعة التي يعلق عليها كل فشل ويحملونها مسؤولية الكوارث التنظيمية في محاولة بائسة للتنصل من المحاسبة، حيث يبقى الجمهور الطرف الوحيد الذي لا يمتلك الصفة القانونية، وفي غياب أي جهة تتحدث باسمه أو تدافع عنه يظل الحلقة الأضعف واللقمة السائغة التي تلفق له كل التهم الجاهزة مسبقا، وهنا نحيلكم على أحكام بلغت مدتها 10 سنوات أصدرت في حق 25 شابا تمت متابعتهم في قضايا الشغب، شباب من الوطن منهم قاصرون لا يستحقون هذه الأحكام القاسية، والسبب واضح، يفشل من في أعلى الهرم ويتحمل من هو في الأسفل العواقب..
نطالب النيابة العامة بفتح تحقيق نزيه ومعمق تشرف عليه جهة محايدة، المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتحمل المسؤولية ومطالب بتقرير مفصل يبين فيه ملابسات ومكان الواقعة ويستمع للشهود ويطالب بالخبرة الطبية.