“الموسم المقبل من البطولة الاحترافية لن ينطلق إلا بتفعيل الشركات الرياضية للأندية الوطنية“، كان هذا مقتطف من تصريح فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خلال أشغال الجمع العام للعصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية في يونيو 2022.
ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا وبعد مرور عام كامل على تصريح لقجع، لم يتم تفعيل الشركات الرياضية للأندية الوطنية من أجل تسيير الأمور الإدارية والمالية للجمعيات الرياضية، وذلك تطبيقا لمقتضيات قانون التربية البدنية 30-09.
فما السبب وراء هذا التأخر في تفعيل الشركات الرياضية؟ وهل هناك موانع قانونية تؤخر انطلاق هذه الحقبة الجديدة في مسار الكرة الوطنية؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليها في الورقة التالية.
في البداية وجب التعريف بالقانون المنظم لتحويل أو “تفويض” تسيير الجمعيات الرياضية إلى الشركات الرياضية؛ هو القانون 30-09، الذي يلزم الجمعيات بتأسيس شركات مجهولة “SA” لتسيير شؤونها وفقا لعقد يمتد لمدة 10 سنوات، في إطار التصور الذي وضعته وزارة الشباب والرياضة بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، طبقا للمادة 11من قانون التربية البدنية 30-09.
يحق للشارع الرياضي المغربي أن يتساءل عن الأسباب المانعة حول هذا التأخر في تفعيل الشركات الرياضية بالرغم من إنشائها من قبل الجمعيات الرياضية، وذلك خلال مجريات الموسم الماضي 2022/2023، وفقا لمراسلة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للأندية المنضوية تحت لواء العصبة الاحترافية.
وعلى الرغم من ضغط الجامعة والعصبة الاحترافية على الأندية من أجل خلق شركاتها الرياضية وتحويل الأمور التسييرية من الجمعية إلى الشركة، إلا أن الواقع يقول خلاف ذلك، حيث ولحدود الساعة لا زالت الجمعيات هي من تسهر على تأدية أجور اللاعبين، إضافة إلى تسيير النادي، وذلك ما يؤكده الواقع.
مشاكل عديدة تلك التي تعيشها الأندية الوطنية لا على مستوى التسيير أو على المستوى المادي، فبالنظر للوضعية المادية للأندية اليوم، فإننا نجد أن 70% من هذه الأخيرة تعيش صعوبات وتعاني من تراكم الديون، وخير دليل هو أن ستة أندية فقط هي من يمكنها تسجيل لاعبين جدد خلال الميركاتو الصيفي من أصل 16 بالدوري الاحترافي في قسمه الأول.
13 سنة مرت على صدور القانون 30-09، والذي يعرف اعتلالات كبيرة وفجوات قانونية قد تؤدي إلى فقدان الجمعيات الرياضية لكل ممتلكاتها بشكل قانوني، ليس لصالح الشركة المسيرة بل لأشخاص معنويين، وهذا فقط غيض من فيض.
الإضافة المرجوة من هذا المشروع كبيرة، فسيتيح هذا التحول، التزاما بالنصوص القانونية السالفة الذكر، قطيعة مع التعتيم الذي كانت تفرضه الجمعيات الرياضية على تعاقداتها مع اللاعبين والمدربين، حيث تظل المعاملات المالية، المتعلقة بقيمة التعاقد والرواتب، محاطة ببند السرية، ناهيك عن العمولات التي ترافقها، خاصة على مستوى الوسطاء.
“العصبة الاحترافية ومشروع دفتر التحملات الجديد”
بعد سنة من تصريح لقجع الذي كان بداية هذا المقال، أصدرت العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية مشروع قانون لدفتر التحملات الذي يهم انطلاقة الموسم الكروي المقبل، والذي شهد العديد من المتطلبات التي يجب على الأندية توفيرها من أجل المشاركة في بطولة الموسم الجديد، ويبقى أبرزها توقيع اتفاقيات بين الجمعيات الرياضية والشركات، لتأخذ الشركات الرياضية بزمام الأمور في تسيير الأندية.
المادة الأولى من هذا المشروع، التي تتعلق بالبنية التحتية، تنص على ضرورة توفر الجمعيات الرياضية على بعض المرافق الرياضية، وشروط خاصة بالملعب الذي يستضيف مباريات للفريق الأول، إضافة إلى شروط خاصة بملعب التداريب الذي يشترط توفره على عشب طبيعي وإضاءة بقوة 300 LUX على الأقل، ومستودعات ملابس ومرافق صحية.
أما بخصوص الفئات السنية للأندية، فيشترط مشروع دفتر التحملات توفر النادي على ملعبين للتداريب بعشب طبيعي أو صناعي مطابق لمواصفات الفيفا.
وأمام هذه المتطلبات التي يفرضها مشروع دفتر التحملات، هنا يجب التساؤل هل جميع الأندية تتوفر على هذه الشروط التي يتضمنها مشروع دفتر التحملات ؟ والإجابة هي قطعا لا.
هل يتوفر فريق نهضة الزمامرة وشباب السوالم على هذه الشروط للمشاركة في القسم الأول؟ الإجابة ببساطة هي لا، فشباب السوالم على سبيل المثال لا الحصر، لعب جميع مباريات الموسم الماضي بين المحمدية وبرشيد، وهو ما يؤكد عدم توفره على هذه الشروط المطلوبة في مشروع دفتر التحملات.
هنا يحق لنا ان نطرح السؤال المهم، ماذا سيكون موقف العصبة الاحترافية من هذه الأندية التي لا تتوفر على واحد من الشروط الأساسية في مشروع دفتر التحملات؟
وهل ستتمتع العصبة بالشجاعة الأدبية لمنع هذين الفريقين من المشاركة في الدوري الاحترافي حال المصادقة على دفتر التحملات هذا؟
والمفارقة الغريبة في هذا الموضوع، هي أننا نجد عبد السلام بلقشور رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، التي وضعت هذا المشروع، هو بذاته رئيس فريق نهضة الزمامرة، الذي يفتقد لأبرز الشروط التي يتطلبها هذا المشروع، فهل سيقوم رئيس العصبة بإيقاف النادي الذي يترأسه؟
سؤال يبقى معلقا حتى الحسم في تطبيق هذا المشروع من عدمه، وماهي القرارات التي ستتخذها العصبة الاحترافية بهذا الخصوص؟
البند الثالث من الفصل الثالث لمشروع دفتر التحملات، يكشف عن صفة جديدة “غير قانونية” للشركات المسيرة للأندية تحت مسمى “SAS” وهو ما لا نجد له أثرا بالصفات المعنوية للشركات وفقا للقوانين المؤطرة، بحيث يجب تأسيس شركة مساهمة، قبل أن يتم تحويلها لشركة مساهمة رياضية، وهو الشكل الذي لا يرضخ لأي قانون، وهو ما يحيلنا على مشاكل أخرى تهم استخلاص الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
إشكالية الضرائب قد تكون الضربة القاضية للأندية، خاصة أنها ستكون مؤطرة بقانون الشغل المعمول به في المغرب، ولم يتم تخصيص مظلة قانونية من أجل استخلاص ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الدخل، وهو ما قد يشكل عبئا على الزبون (الجمهور).
الشركات الرياضية في المغرب أمر ضروري من أجل تطوير المنتوج الكروي، وإضفاء المزيد من الشفافية أمام المعاملات المالية، والحد من التضخم الذي تعيشه الكرة الوطنية، لكن وجب إعادة النظر من قبل الجهات المسؤولة (وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة وزارة الثقافة والشباب والاتصال والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم)، من أجل اقتراح وسن قوانين جديدة تتوافق والأهداف المرجوة من هذه الخطوة، والتي إذا تم تطبيقها بشكل مضبوط فستعود لا محالة بالنفع على المنتوج الكروي المغربي.