إن مبادرة المغرب في إطلاق قنوات رياضية جديدة بتقنية 4K ، ويتعلق الأمر هنا بقنوات الرياضية مباشر 2، 3 ، 4 ، 5 بالإضافة إلى القناة الرياضية الأولى. إضافة إلى إطلاق صفقات لتجهيز استوديوهات جديدة و اقتناء كاميرات ومعدات تصوير متطورة. حيث طلبت الشركة المعنية الحصول على 8 أنظمة” ستيدي كام” لحمل كاميرات التصوير التلفزيوني و الكاميرات السينمائية كذلك. وكذلك إطلاق مشروع إنشاء مركز جديد خاص بالإنتاج السمعي البصري بمدينة تامسنا باستوديوهين مفتوحين للعموم بسعة 300 مقعد لكل واحد منهما ومرتبطين بوحدات بث خاصة بهما، بالإضافة لقاعة كبرى للمؤتمرات، ومجموعة من المرافق الأخرى. يمكن اعتبارها خطوة جريئة نحو تطوير البنية التحتية الإعلامية الرياضية، التي تأتي في إطار استعدادات المملكة لاستضافة كأس العالم 2030 ، وهي التظاهرة التي تحتاج إلى مواكبة إعلامية كبرى ناجحة.
و يهدف القائمون على القنوات الرياضية الجديدة ، حاليا إلى السعي لتغيير الهوية البصرية للقناة الرياضية وشكلها و ذلك قبل حلول كأس أفريقيا 2025 ، فيما سيستمر تطوير الاعلام الرياضي الرسمي بعد ذلك استعدادا لمونديال 2030.ومع ذلك، تثير هذه المبادرة مجموعة من التساؤلات حول الجودة والتمكين والاستمرارية، في ظل التجارب السابقة غير المرضية للإعلام الرياضي المغربي.
فإذا كان الاستثمار في أحدث التقنيات وبناء مراكز إنتاج حديثة ، هو خطوة ضرورية لتحسين جودة الإنتاج البصري والصوتي، كما أن زيادة عدد القنوات الرياضية المتخصصة تسمح بتغطية أوسع للأحداث الرياضية وتلبية احتياجات شرائح مختلفة من الجمهور. كل هذا بهدف تجهيز المغرب لاستضافة أحداث رياضية عالمية كبرى، مما يعزز مكانته على الخارطة الرياضية الدولية.
فإن التركيز فقط على الجانب التقني و التكنولوجي والبنية التحتية ، يؤدي إلى إغفال جوانب أخرى لها إسهام و دورٍ فاعل في تطوير أداء القنوات التلفزيونية من حيث نوعية الإنتاج المرتبط بالمواد السمع بصرية وتجويده وجعله قادر على المنافسة وعنصر جذب لجمهور عريض من المشاهدين في الداخل والخارج ، من بينها مستوى المهنيين والعاملين في هذا المجال وتطوير مهاراتهم الاتصالية و المواكبة للمستجدات المهنية.
فالتجارب السابقة للإعلام الرياضي المغربي والمتمثل في قناة الرياضية وبعض البرامج الرياضية على القناة الثانية والاولى أبانت عن محدوديتها وعدم قدرتها على كسب رهان تحدي تجويد البرامج وتطوير الأطر الصحفية والتقنية….
فالتطوير التقني الذي شهده القطاع لم يواكبه تمكين الاطر الإعلامية وتوفير فرص التدريب والتطوير المستمر ل. مما أدى إلى عدم الرضى و الفشل في إنتاج محتوى رياضي متنوع وجذاب، يعتمد على التحليل المعمق والتقارير الاستقصائية، وليس فقط البث المباشر للأحداث والبرامج الرياضية العقيمة المتخلفة شكلا ومضمونا.
لهذا يجب أن تكون هذه المبادرة جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لتطوير الإعلام الرياضي وجعله في مستوى تطلعات المهتمين والمهنيين والجمهور، وليس مجرد مشروع مؤقت مرتبط باستضافة الأحداث الكبرى وهذا يقتضي مجموعة من الإجراءات والتدابير، بدءا بضرورة تحقيق توازن بين الاستثمار في التقنية وتطوير المحتوى البرامجي. والاستثمار في تدريب وتأهيل وتطوير الأطر الإعلامية في مختلف المجالات (إخراج، تحرير، إنتاج، تحليل). والاعتماد على الأطر العليا والكفاءات المغربية التي أبانت عن علو كعبها في هذا المجال سواء كمخرجين وصحفيين أبانوا عن نجاحهم في قنوات دولية وأجنبية ، وهي عناصر قادرة ومؤهلة بسبب تجربتها في المساهمة في تجويد هذه الصناعة وضمان ديمومتها وتقديم مواد متنوعة تستهدف شرائح مختلفة من الجمهور، تشمل البرامج التحليلية والحوارية والوثائقية. كل هذا مع إجراء تقييمات دورية لتقييم أداء القنوات الجديدة وتحديد نقاط القوة والضعف واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة.:
في الختام تعتبر مبادرة المغرب في تطوير الإعلام الرياضي خطوة إيجابية، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل لتحقيق أهدافها. فيجب أن يكون هناك تركيز أكبر على الجودة والتمكين والاستثمار في العنصر البشري، وتطوير محتوى برامجي متنوع وجذاب، والاستفادة من خبرات الكفاءات المغربية الواعدة في هذا المضمار لاسيما في خضم التنافس الكبير في المحتوى التلفزيوني.