صناعة بطل من المستوى الجيد والقادر على التنافس في أعلى المستويات، لايتم عبر الضغط على الزر لإنتاجه وجعله جاهزا. بل يتطلب ذلك، زمنا يمتد طويلا مع مايتطلب ذلك من جهد ومال ومصاريف التأطير والتوجيه والمراقبة ،وهي أليات لايستهان بها في عالم التكوين.
اليوم، وحين نتأمل اللائحة الطويلة للاعبين المغاربة، الذين غادروا البطولة الوطنية نحو بلدان الخليج تحديدا، نجد أنفسنا مختنقين بالأسئلة التي تظل بدون أفق سوى أفق الصحراء المغلفة بألوان النزيف القاتل.
في ظل أزمة خانقة تعيشها الأندية المغربية، نتيجة تدبير ضيق الأفق والرؤى، تصبح حفنة من الدولارات الخليجية طوقا للنجاة. فالرجاء كالوداد بثقل التاريخ والجغرافية والجماهير الواسعة والأسماء التي صنعها قطبا الكرة المغربية . تجد نفسها مستعدة في كل وقت وحين، مستعدة لتؤشر على مغادرة أجود لاعبيها لتحصيل موارد مالية، تجعلها قادرة على التنفس وهي بذلك تبدو محقة في ذلك، من منظور أن لا أفق لها سوى تكسير عظام أبنائها وإفراغ مخزونها البشري .
هذا هو المنطق القائم اليوم، لأن الواقع لايرتفع على كل حال، وبالتالي فهذا النزيف المستمر في الطاقات وفي القدرات، يجعلنا أمام واقع لايستقيم مع حاجيات البطولة الوطنية الدائم، في الرفع من قيمة التنافس ومن قيمة المنتوج العام للكرة المغربية. وإلا كيف سيمكننا الإرتقاء إلى مصاف الأندية الكبرى إفريقيا إذا لم نحافظ على طاقاتنا.. وكيف ندق باب الإنجازات والألقاب التي تزن ثقيلا في عوالم النقل التلفزيوني والإشهار والمنسوب العالي للمتابعة عبر وسائل التواصل المختلفة.
هناك حطان مستقيمان لايلتقيان ، أولها أن البطولة من خلال فرقها محتاجة لأليات إشتغالها (اللاعبون) ليظل المستوى في تصاعد وهذا يتطلب استراتجية شاملة لمضاعفة المداخيل والموارد .والثاني الجري والبحث عن أقصر الطرق لتغطية العجز المالي الذي لن ينتهي مع عقلية التدبير القصير في الطول والعرض.
الكرة المغربية تعيش اليوم سياسة تجفيف المنابع ، وهي سياسة لايمكنها إطلاقا أن ترفع من منسوب الإرتقاء نحو الأعلى . ولمسؤولي الكرة عندنا واسع النظر.