يا لها من فرصة تاريخية كبيرة لكرة القدم العربية؛ لتتمثل بستة منتخبات على الأقل، في أول مونديال يقام على أرض عربية.
نعم، لدى المغرب وتونس والجزائر ومصر فرصة للحاق بالمنتخب السعودي والمنظم القطري في نهائيات المونديال الذي تستضيفه الدوحة في نوفمبر من العام الجاري، لكن ثمة تفاوتات واضحة في فرصة كل من هذه المنتخبات الأربعة للحصول على تأشيرة المشاركة في نسخة يمكن أن يزيد زخمها وحضورها الجماهيري على نحو كبير، إذا ما ارتفع عدد المنتخبات العربية المشاركة لسهولة التدفق الجماهيري من مختلف الأقطار العربية على الدوحة.
وإذا كانت فرصة المنتخب التونسي كبيرة إيابا على أرضه في التأهل على حساب مالي بعد فوز زملاء على معلول بهدف في باماكو، كما هو الشأن للمنتخب الجزائري الذي حقق أيضا فوزا ثمينا على أسود الكاميرون في عرينها، فإن المنتخب المصري يحتاج ربما لوصفة دفاعية خاصة من مدربه السابق الأرجنتيني هيكتور كوبر ليتمكن من الحفاظ في دكار على هدفه النظيف الذي حققه بالقاهرة، لكن كيف يمكن لأسود الأطلس العثور على وصفة كوبر الدفاعية السحرية تلك، وهم يواجهون الكونغو الديمقراطية إيابا بالدار البيضاء بهدف الوصول للمونديال بعد تعادل ثمين في كينشاسا…؟
في محاولة للتعرف على فكر الأرجنتيني هيكتور كوبر الذي يتذكره المصريون جيدا مع حلول شهر رمضان الكريم، بعد أن شارك من قبل في إعلان تليفزيوني تناول خلاله وجبة الفتة (الأرز مخلوطا باللحمة والخبز والصوص) لدرجة التلبك المعوي الذي نقل على إثره للمستشفى، وظلت علاقة كوبر بالفتة محل تندر وقفشات المصريين طوال فترة عمله مع المنتخب المصري الذي أهله كوبر لكأس العالم بروسيا 2018، بعد غياب مصري عن المونديال دام 28 عاما، لابد من التوقف أمام ملامح فكر هذا المدرب الأرجنتيني قبل مواجهته المرتقبة لأسود الأطلس.
كوبر الذى يستفيد كثيرا في التعامل مع الكرة العربية وثقافتها وتفصيلاتها من وجود مساعده المصري المدرب والمترجم معا محمود فايز ، هو رائد للمدرسة الدفاعية البحتة التى دلعها مؤيدوه ومعاونوه فى تجربته المصرية ووصفوها بالمدرسة الواقعية حيث يمتاز هذا المدرب الأرجنتيني بالقدرة الهائلة على خلق الحواجز والمتاريس الدفاعية.
التعادل الايجابي ذهابا يجعل المنتخب المغربي أكثر هدوءا ولا يحتاج للاندفاع الهجومي أو التخلي عن سياسة هادئة يتحكم معها في إيقاع اللعب وريتم المباراة، لكن عليه عدم الانتظار لتلقي ضغط الفريق الكونغولي، فالأهم بالنسبة للفريق المغربي هو التسجيل أولا، لقتل المباراة وترك كوبر في حيرة يأكل معها الفتة المصرية !
وما يجب أن يعيه المغاربة جيدا بخصوص كوبر، فهو لا يملك القدر الكافي من المرونة التكتيكية، حيث يخوض المباراة بنوتة واحدة لا يقوى كثيرا على التحول الكبير فيها وفقا لمقتضيات اللعب وتطوراته، وخلال 1211 يوما عمل فيها مع المنتخب المصري وقاده فىي 38 مباراة ما بين الرسمية والودية (فاز في 20 منها وتعادل في 6 وخسر 12 مباراة ومنح الفرصة خلالها لـ79 لاعبا)، كان هيكتور كوبر ذا وجه تكتيكي واحد، فإذا ما تعرض المنتخب المصري لهدف مبكر لا يعرف لاعبوه كيف يتخلون عن دفاعهم ولا يتلقون تعليمات جديدة تخرجهم من ملعبهم لمهاجمة المنافس، وعندما وصل بالمنتخب المصري لنهائي “الكان” بالغابون وتقدم على الكاميرون بهدف وقف عاجزا عندما عاد أسود الكاميرون للمباراة وسجلوا هدفين دون أن يحرك كوبر ساكنا، وظل لاعبوه ينظرون إليه: ماذا هم فاعلون .. لكنه لم يكن يملك سبيلا .. كوبر لا يوجه كثيرا ولا يعدل من أفكاره أثناء اللعب..!
هيكتور كوبر الذي اتهمته الجماهير المصرية وخبراء الكرة في مصر بأنه صنع من الشربات فسيخا، عكس ما يقوم به كل شاطر في مهمته وحرفته وتصفه العامية المصرية بأنه (يصنع من الفسيخ أي السمك المملح “شربات” أي ماء محلى بالسكر والعصير) لا ينسي له المصريون أنه بطريقته الانزراعية التى زرع فيها المدافعين أمام المرمى في مونديال روسيا كلف الفريق غاليا وتلقى الهزيمة في مبارياته الثلاث التي لعبها في موسكو، وكانت أمام أوروغواي وروسيا والسعودية.. ورحل بعد أن سئمت الجماهير طريقته العقيمة والتي كان يدافع عنها هو وأنصاره بأنه يحقق المطلوب ولا بأس من الدفاع مادام الفريق يفوز ولو بربع هدف!
أسود الأطلس عليهم الضغط الهادر المبكر وقتل الفرصة بهدف ثم تعزيزه .. وترك كوبر يأكل الفتة !!
بقلم : إبراهيم المنيسي
مدير تحرير جريدة الأخبار ورئيس تحرير مجلة الأهلي