“كاريزما” هي العبارة التي حملها التيفو، الذي رفعه أنصار فريق الرجاء الرياضي، أمس في مباراة النسور أمام الفتح الرباطي، برسم الجولة السابعة من الدوري الاحترافي في قسمه الأول.
التيفو كان عبارة عن قمة في الإبداع والتفنن من قبل مشجعي فريق القلعة الخضراء. لكن “كاريزما” الانتماء للفريق الأخضر والعشق الأبدي له عكرته الأحداث الخطيرة التي سبقت المباراة، وكانت الأزقة القريبة من المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، مسرحا لها.
ما تعيشه بعض ملاعب كرة القدم من أحداث عنف تفرض على كل الجهات ارتداء عباءة الكاريزما الحقيقية لمواجهة هذه الظاهرة، التي بدأت تغدو “أمرا عاديا” إذا استمر التعامل معها بنفس الآليات وبالسيناريوهات ذاتها.
وحسب خبراء وباحثين حول الظاهرة، فيبدو إن الهاجس الأمني والقضائي لم يعط أكله الحقيقي للحد من الظاهرة، بل حتى الندوات والبرامج التحسيسية حول الظاهرة لم تف بالغرض.
صحيح أن المغرب حين ترسانته القانونية الجنائية باعتماد قانون 09.09 لمحاربة الشغب، واتخذت مجموعة من الإجراءات، التي توصف بالمناسباتية، مثل إجراء مباريات بدون جمهور، منع التنقل الجماعي للجماهير….إلخ، غير أنها كلها لم تقدم أي حل جوهري لمحاربة الظاهرة.
وحسب الدكتور عبد الرحيم غريب، أستاذ جامعي وباحث حول ظاهرة الشغب، فقد أكد في دراسة قادته لـ12 مدينة مغربية، أن الظاهرة هي بنيوية بامتياز، تتطلب تدخل كل الفاعلين في الميدان، من جهات وصية على القطاع ومسؤولين أمنيين وقضائيين وباحثين في حقول معرفية مختلفة وفاعلين ترابيين ومسيرين رياضيين والإعلام بكل أنواعه.
ويرى عبد الرحيم غريب أن الأعطاب التي يعرفها المجتمع تشكل مدخلا مهما لاستفحال الظاهرة، وأنها مرتبطة بفئة القاصرين والشباب.
وأوضح في دراسته أن المناصرين للفرق الذين ينخرطون بشكل كبير في أعمال الشغب والتخريب، ينقسمون إلى ثلاث فئات، الشباب العاطل عن العمل، وخاصة المدمن على بعض المخدرات، والشباب الذي يواصل دراسته ولكن مستواه التعليمي ضعيف، ونفس الامر بالنسبة لبعض القاصرين. والنقطة الخطيرة التي توقف عندها غريب، رفقة فريق بحثه، هي أن هذه الدراسة أبرزت لهم أن خطورة الشغب تتمركز حول أنصار ثلاثة فرق وهي الرجاء والوداد والجيش الملكي، مشيرا إلى أنه بلغة الأرقام والوقائع فدائما المواجهات التي تجمع بين هذه الفرق تعرف حدوث أعمال شغب.
وأضاف الدكتور غريب، منسق ماستر الحكامة الرياضية بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير الدارالبيضاء، أن الأخطر مما سبق هو أن 1703 من أنصار الفرق اعترفوا بحبهم وعشقهم الأبدي لفريقهم المفضل، وفي نفس الوقت اعتبروا الفرق الأخرى “عدوا” لهم.
وأفاد غريب أن الاستطلاع العلمي الذي قام به أكد له أن 71 في المائة من المستجوبين على علم بالقانون الذي يجرم أعمال الشغب. مما يدفع الأستاذ الجامعي غريب إلى ضرورة اعتماد الصرامة في التعامل مع الظاهرة حتى لا تغدو أمرا عاديا يصعب التحكم في معالجتها.