اختير الحارس الدولي المغربي ياسين بونو، في قائمة أفضل 30 لاعبا في العالم، إضافة إلى منافسته على جائزة “ليف ياشين” لأفضل حارس في العالم، والتي تقدمها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية.
وجاء بونو في قائمة أفضل لاعبي العالم، بعد تألقه الكبير خلال الموسم الكروي الماضي، حيث قاد حامي عرين الأسود، المنتخب الوطني المغربي لنصف نهائي كأس العالم، إضافة إلى تتويجه بالدوري الأوروبي رفقة إشبيلية.
بونو الذي بلغ في السنوات الأخيرة قمة مجده الكروي، بمستوى خرافي جعله في مصاف أفضل الحراس على المستوى العالمي، يعد انتاجا خالصا لفريق مغربي يمارس في الدوري الاحترافي مقره “مركب محمد بنجلون”، والذي طالما كان مصنعا للنجوم الذين مثلوا المغرب في الساحة الأوروبية، بداية من شتوكي وعبد السلام مرورا ببودربالة والزاكي والنيبت، ووصولا لياسين بونو، الذي فاق نجاحه كل الحواجز، ليتواجد للمرة الثانية على التوالي في قائمة أفضل حراس العالم، ناهيك عن منافسته على جائزة “The Best” لأفضل حارس المقدمة من قبل الفيفا عن السنة الماضية.
لكن بداية هذا النجاح كانت مليئة بالعراقيل، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يبلغ “مول الضحكة” كل هذا المجد بتواجد اسمه إلى جانب صفوة الحراس والتفوق عليهم بأرقام خرافية في السنوات الأخيرة، بونو يعيد إلى الأذهان الحارس الأسطوري الذي ميز ذاكرتنا كأطفال والحديث هنا عن “الحارس وليد” (حارس فريق الياسمين من كارتون الكابتن ماجد).
بداية صعبة لحارس واعد
بداية بونو تعود لأزيد من 13 سنة، كانت مع فريقه الأم نادي الوداد الرياضي، الذي قام بتصعيد ياسين رسميا سنة 2010 للفريق الأول وهو يبلغ من العمر 19 سنة، بعدما كان يتدرب مع الفريق الأول خلال الموسم الذي سبق، في تواجد حارسين دوليين ويتعلق الأمر بكل من ناذر لمياغري وكريم فكروش في أوج عطائهما.
بونو الذي ظل حبيس دكة البدلاء في جل فترة تواجده داخل الفريق الأحمر، وكان يتحين الفرصة التي تسمح له بإبراز مواهبه وعلو كعبه في حراسة المرمى، ولم يكن هناك أفضل من نهائي دوري أبطال إفريقيا، ليكون مسرحا لبونو ليقدم نفسه كحارس بمؤهلات لا حدود لها.
نهائي رادس 2011 نقطة البداية
لم يكن لياسين بونو صاحب الـ20 سنة، أفضل من نهائي دوري أبطال إفريقيا، ليقدم خلاله أوراق اعتماده للعالم، فبعد إصابة الحارس الأساسي للوداد قبل أيام من إياب نهائي العصبة أمام الترجي التونسي سنة 2011، تعملق الحارس الشاب في الدود عن مرماه أمام هجوم الفريق التونسي بقيادة يوسف المساكني ويانيك ديانغ وخلفه أسامة الدراجي في أوج عطائه.
بالرغم من أن الوداد خرج مهزوما من هذه المباراة، إلا أن الكل أجمع على أن ياسين بونو، كان استثنائيا في أول ظهور رسمي له مع الوداد وأمام الترجي في قلب ملعب رادس.
أنهى بونو بعد ذلك موسمه الأخير مع الوداد الرياضي، موقعا على 8 مشاركات رسمية في الدوري الاحترافي، قبل أن يقرر اتخاذ قفزته الكبرى في مسيرته الاحترافية، بعدما رفض تجديد عقده والانتقال لنادي أتلتيكو مدريد الإسباني، صيف سنة 2012.
أتلتيكو مدريد بداية الاحتراف
قد يرى البعض أن انتقال بونو لأتلتيكو مدريد لم يكن بالخطوة الموفقة، إلا أنه كان لا بد منها، من أجل صقل موهبته في أجواء وظروف احترافية من جميع النواحي، فبعد التحاقه بالفريق الإسباني، لم يخض أي مباراة مع الفريق الأول، والتحق بالفريق الرديف الذي كان ينافس في دوري الدرجة الثالثة الإسباني، لكن كل ذلك لم يحبط عزيمة الأسد بونو، بل ثابر وواصل عمله بجد ودون كلل حتى يحصل على الفرصة التي لم تأت للأسف طوال موسمين، ليقرر بعد ذلك الخروج في إعارة لكسب تجربة أكبر.
ريال سرقسطة وحلم الليغا
خرج بونو بحثا عن دقائق أكثر رفقة فريق ريال سرقسطة، والذي انتقل إليه على سبيل الإعارة قادما من أتلتيكو مدريد، والذي ارتوى ببرودة دكة احتياطه واكتفى بالمشاركة رفقة الرديف، انتقال بونو لريال سرقسطة، كان حاسما حيث نجح الفريق في بلوغ مباريات السد للصعود للدوري الإسباني الأول “الليغا”، إلا أن حلم الأضواء تبخر في آخر محطة بسبب خطأ قاتل، تسبب في استقباله للهدف الثاني في مباراة كان نجمها الأول لولى خروجه الخاطئ، الذي أهدى الصعود للاس بالماس يوم 21 يونيو 2015.
واصل بونو مشواره مع ريال سرقسطة، للموسم الثاني على التوالي، بعدما فشل في تحقيق حلم الصعود في أول مواسم، إلا أن الفشل كان طريده رفقة سرقسطة، قبل أن يقرر الانتقال لخوض تجربة جديدة رفقة فريق خيرونا الممثل الثالث لإقليم كتالونيا.
خيرونا الحلم يتحول إلى حقيقة
صيف سنة 2016، وقع بونو على عقود انضمامه لفريق خيرونا الممارس في الدرجة الثانية، والذي كان بوابته لدوري الدرجة الأولى الليغا، بعدما تألق رفقة خلال الموسم الكروي 2016/2017، وقاده لقسم الأضواء، ليبدأ بونو مقارعة أفضل لاعبي العالم وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.
خاض بونو موسمه الأول في الليغا رفقة فريق خيرونا، حيث حقق أرقاما مميزة في أول مواسمه، ولعل أبرز النتائج التي حققها مع الفريق خلال هذا الموسم، هي الفوز على ريال مدريد بترسانة نجومه التي يتقدمها الـ”BBC” بنزيما، بيل رونالدو، مساهما في إنهاء فريقه للموسم في المركز العاشر.
مستوى الأسد المغربي جعله مطمعا للعديد من الأندية، أبرزها ريال بيتيس، الذي قدم عرضا للتعاقد معه، إلا أنه فضل مواصلة رحلته رفقة الفريق الكتالوني، والتي لم تكن رحلتا موفقة حيث احتل الفريق خلال هذا الموسم المركز 18 لينزل للقسم الثاني.
إشبيلية وبلوغ قمة المجد
بعد نزول خيرونا للقسم الثاني من الدوري الإسباني، توصل بونو بعرض من فريق بي إس في آيندهوفن الهولندي وآخر من فريق إشبيلية، إلا أن ياسين فضل مواصلة رحلته في شبه الجزيرة الإيبيرية وتحديدا بالأندلس، رفقة إشبيلية، الذي عاد للواجهة الأوروبية بأيادي بونو بعد غياب طويل.
لم يتأخر بونو في فرض نفسه نجما أول للفريق الأندلسي، والملاك الحارس لشباك الفريق، حيث قادهم خلال الموسم الأول، للتتويج بالدوري الأوروبي، أمام فريق انتر ميلان الإيطالي، بعد التغلب على كل من روما الإيطالي وولفرهامبتون ومانشستر يونايتد الإنجليزيين في الأدوار الإقصائية، في بطولة كان نجمها الأول ياسين بونو بتصدياته الإعجازية، أمام كبار مهاجمي القارة على غرار لوكاكو ماركوس راشفورد، راوول خيمينيز وغيرهم، ليتوج بونو بلقبه الأول في مشواره الكروي كلاعب أساسي.
تألق حامي عرين الأسود، دفع الفريق الأندلسي لشراء عقده من خيرونا بشكل كامل، خاصة بعدما ساهم في إنهاء الموسم في المركز الرابع خلف كل من أتلتيكو مدريد، ريال مدريد وبرشلونة.
نجم بونو لم يأفل بل ازداد إشعاعا وبريقا، حيث واصل الأسد المغربي زئيره ليقدم موسما استثنائيا ويحرز أول لقب فردي في الدوري الإسباني، متفوقا على تيبو كورتوا، أندري تير شتيغن ويان أوبلاك، متوجا بلقب زامورا كأفضل حارس في الدوري الإسباني للمرة الأولى في تاريخ فريق إشبيلية.
تكسير أحلام المهاجمين صار هواية بونو المفضلة، ليقود فريقه من جديد للقمة القارية بالتتويج بلقب الدوري الأوروبي من جديد نهاية الموسم الماضي، بعدما ألحق الهزيمة الأولى بالمدرب البرتغالي المخضرم جوزي مورينهو في النهائيات، بتألقه في ضربات الجزاء، وإهداء اللقب للفريق الأندلسي للمرة الثانية في غضون 3 مواسم.
مونديال قطر 2022 ذروة التألق ودخول العالمية
تألق بونو في مشواره الاحترافي على مستوى الأندية، لم يكن ليكتمل دون تألقه اللافت رفقة المنتخب الوطني المغربي، فقد رفع بونو من مستواه إلى أن تجاوز سقف كل التوقعات، المستوى المبهر الذي قدمه جعله الحارس الأقل استقبالا للأهداف في المونديال، حيث استقبلت شباكه هدفا وحيدا حتى مرحلة نصف النهائي، قبل أن ينهي المنافسة باستقبال 5 أهداف فقط، خلال 6 مباريات مع تحقيق الكلين شيت في 3 مناسبات، ليخلد اسمه في تاريخ الكرة المغربية والإفريقية والعربية، بضحكته المميزة في مواجهة إسبانيا، أثناء تصديه لركلات جزاء الماتادور، وتصدياته الطائرة في ربع النهائي أمام زملاء رونالدو الذي غادر باكيا أمام قوة وصلابة حامي عرين الأسود.
بونو الذي لم يكن أكثر المتفائلين والمؤمنين بموهبته الكبيرة، يتوقع أن يبلغ هذا المستوى، ومقارعته لنجوم العالم في حراسة المرمى، وتواجده في قائمة المرشحين للبالون دور وجائزة “ليف ياشين” لأفضل حارس… صنع في بنجلون!